فصل: الباب الخامس في الاستبراء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب الثالث في عدة الوفاة

والمفقود إذا مات زوجها لزمها عدة الوفاة بالنصوص والإجماع فإن كانت حائلاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام بلياليها ويستوي فيها الصغيرة والكبيرة وذات الأقراء وغيرها والمدخول بها وغيرها وزوجة الصبي والممسوح وغيرهما وتعتبر الأشهر بالأهلة ما أمكن فإن مات في خلال شهر وكان الباقي منه أكثر من عشرة أيام عدت ما بقي وحسبت بعدة ثلاثة أشهر بالأهلة وتكمل ما بقي من شهر الوفاة ثلاثين من الشهر الواقع بعد الثلاثة وتضم إليه عشرة أيام وإن كان الباقي من شهر الوفاة أقل من عشرة أيام حسبت بعد أربعة أشهر بالأهلة ثم تكمل بقية العشرة من الشهر السادس‏.‏

وإن كان الباقي عشرة أيام بلا زيادة ولا نقص اعتدت بها وبأربعة أهلة بعدها‏.‏

ولنا وجه شاذ أنه إن انكسر شهر انكسر الجميع واعتبرت كلها بالعدد والصواب الأول‏.‏

وإن انطبق الموت على أول الهلال حسبت أربعة أشهر بالأهلة وضمت إليها عشرة أيام من الشهر الخامس‏.‏

ولو كانت محبوسة لا تعرف الإستهلال اعتدت بمائة وثلاثين يوماً والأمة تعتد بنصف عدة الحرة وهو شهران وخمسة أيام‏.‏

وسواء رأت في المدة دم حيض أم لم تره ولو مات الزوج والمرأة في عدة طلاقه فإن كانت رجعية سقطت عنها عدة الطلاق وانتقلت إلى عدة الوفاة حتى يلزمها الإحداد ولا تستحق النفقة وإن كانت بائناً أكملت عدة الطلاق ولها النفقة إذا كانت حاملاً ولا تنتقل إلى عدة الوفاة حاملاً كانت أو حائلاً‏.‏

أما إذا كانت المتوفى عنها حاملاً فعدتها بوضع الحمل بشرطه السابق في عدة الطلاق وسواء تعجل الوضع أو تأخر‏.‏

عدة الوفاة تختص بالنكاح الصحيح فلو نكح فاسداً ومات قبل الدخول فلا عدة وإن دخل ثم مات أو فرق بينهما اعتدت للدخول كما تعتد عن الشبهة‏.‏

فرع طلق إحدى امرأتيه ومات قبل أن تبين التي أرادها أو تعين إن أبهم نظر إن لم تكونا ممسوستين أو كانتا من ذوات الأشهر فعلى كل منهما عدة الوفاة وإن كانتا حاملتين فعدتهما بالحمل وإن كانتا من ذوات الأقراء نظر إن أراد واحدة معينة لزم كل واحدة الإعتداد بأقصى الأجلين من عدة الوفاة وثلاثة أقراء وتحسب عدة الوفاة من حين الموت وتحسب الأقراء من وقت الطلاق على الصحيح وقيل من حين الموت هذا في الطلاق البائن فإن كان رجعياً فالرجعة تنتقل إلى عدة الوفاة فعلى كل واحدة عدة الوفاة وإن أبهم الطلاق بني على أنه لو عين هل يقع الطلاق من حين اللفظ أم من وقت التعيين‏.‏

إن قلنا من اللفظ فهو كما لو أراد معينة وإن قلنا من التعيين فوجهان‏.‏

أصحهما أن عليهما الإعتداد بأقصى الأجلين أيضاً لكن الأقراء هنا تحسب من يوم الموت والثاني أن كل واحدة تعتد بعدة الوفاة لأنه كمن لم يطلق ولو اختلف حال المرأتين فكانت إحداهما ممسوسة أو حاملاً أو ذات أقراء والأخرى بخلافها عملت كل واحدة بمقتضى الإحتياط

 فصل الغائب عن زوجته

إن لم ينقطع خبره فنكاحه مستمر وينفق عليها الحاكم من ماله إن كان في بلد الزوجة مال فإن لم يكن كتب إلى حاكم بلده ليطالبه بحقها وإن انقطع خبره ولم يوقف على حاله حتى يتوهم موته فقولان‏.‏

الجديد الأظهر أنه لا يجوز لها أن تنكح غيره حتى يتحقق موته أو طلاقه ثم تعتد والقديم أنها تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة ثم تنكح ومما احتجوا به للجديد أن أم ولده لا تعتق ولا يقسم ماله والأصل الحياة والنكاح وأنكر بعضهم القديم‏.‏

وسواء فيما ذكرناه المفقود في جوف البلد أو في السفر وفي القتال ومن انكسرت سفينته ولم يعلم حاله‏.‏

وإن أمكن حمل انقطاع الخبر على شدة البعد والإيغال في الأسفار فقد حكى الإمام في إجراء القول القديم تردد والأصح إجراؤه‏.‏

ويتفرع على القولين صور‏.‏

إحداها إذا قلنا بالقديم تربصت أربع سنين ثم يحكم الحاكم بالوفاة وحصول الفرقة فتعتد عدة الوفاة ثم تنكح وهل تفتقر مدة التربص إلى ضرب القاضي أم لا ويحسب من وقت انقطاع الخبر فيه وجهان ويقال قولان اصحهما عند كثير من الأئمة يفتقر ولا تحسب ما مضى قبله فإذا ضرب القاضي المدة فمضت فهل يكون حكما بوفاته أم لا بد من استئناف حكم وجهان أصحهما الثاني وإذا حكم الحاكم بالفرقة فهل ينفذ ظاهراً وباطناً أم ظاهراً فقط وجهان أو قولان قلت أصحهما الثاني‏.‏

والله أعلم‏.‏

الثانية إذا حكم القاضي بمقتضى القديم فهل ينقض حكمه تفريعاً على الجديد وجهان أصحهما نعم‏.‏

الثالثة إذا نكحت على مقتضى القديم ثم بان الزوج ميتاً وقت الحكم بالفرقة ففي صحة النكاح على الجديد وجهان بناء على بيع مال أبيه مع ظن الحياة إذا بان ميتاً‏.‏

الرابعة طلقها المفقود أو آلى منها أو ظاهر أو قذفها فإن كان قبل الحكم بالفرقة فلهذه التصرفات أحكامها من الزوج قطعاً وإن كان بعده فقال الأصحاب على الجديد تلزم أحكامها وليكن هذا تفريعاً على أنه ينقض على الجديد حكم من حكم بالقديم‏.‏

وأما إذا قلنا بالقديم فإن قلنا ينفذ الحكم ظاهراً قط ثبت أحكام هذه التصرفات وإن قلنا ينفذ ظاهراً وباطناً فهو كالأجنبي يباشرها‏.‏

الخامسة نفقتها واجبة على المفقود لأنها مسلمة نفسها فإن رفعت الأمر إلى القاضي وطلبت الفرقة فنفقة مدة التربص عليه لأنها محبوسة عليه بعد فإن انقضت وحكم القاضي بالفرقة والإعتداد فإن قلنا بالقديم فلا نفقة لها في مدة العدة لأنها عدة الوفاة‏.‏

وفي السكنى قولان وإن قلنا بالجديد فالنفقة على المفقود لأنها زوجته ويستمر ذلك حتى تنكح‏.‏

فحينئذ تسقط لأنها ناشزة بالنكاح وإن كان فاسداً‏.‏

وعن القاضي أبي الطيب القطع بالنفقة في مدة العدة على القولين كمدة التربص والمذهب الأول وإذا فرق بينهما وقد عاد المفقود وسلمت إليه عادت نفقتها عليه فإن كان الثاني دخل بها لم يلزم المفقود نفقة زمان العدة وإن لم يعد المفقود وعادت هي بعد التفريق إلى بيته ففي عود النفقة قولان‏.‏

وقيل إن نكحت بنفسها بغير حكم حاكم عادت النفقة وإلا فلا‏.‏

قال الروياني الأظهر أنها لا تعود وينبغي أن يقطع به إذا لم يعلم الزوج عودها إلى الطاعة‏.‏

قال وهو الذي ذكره القفال وأما النفقة على الزوج الثاني فلا يخفى حكمها على القديم وأما على الجديد فلا نفقة لزمن الإستفراش إذ لا زوجية فإن أنفق لم يرجع عليها لأنه متطوع إلا أن يلزمه الحاكم فيرجع عليها على الصحيح وقيل على الزوج الأول وإذا شرعت في عدة الثاني فلا نفقة إلا أن تكون حاملاً فقولان بناء على أن النفقة للحمل أم للحامل‏.‏

السادسة إذا ظهر المفقود فإن قلنا بالجديد فهي زوجته بكل حال فإن نكحت لم يطأها المفقود حتى تنقضي عدة الناكح وإن قلنا بالقديم ففيه طرق أحدها عن أبوي علي ابن أبي هريرة والطبري أن الحكم كذلك لأنا تيقنا الخطأ في الحكم بموته فصار كمن حكم بالإجتهاد ثم وجد النص بخلافه وهذا أصحهما عند الروياني الثاني إن قلنا ينفذ الحكم بالفرقة ظاهراً فقط فالحكم كما ذكرنا وإن قلنا ينفذ ظاهراً وباطناً فقد ارتفع نكاح الأول كالفسخ بالإعسار‏.‏

فإن نكحت فهي زوجة الثاني قاله أبو إسحاق والثالث عن أبي إسحاق أيضاً إن ظهر وقد نكحت لم ترد إلى المفقود وإن لم تنكح ردت إليه وإن حكم الحاكم بالفرقة‏.‏

والرابع لا ترد إلى الأول قطعاً الخامس عن الكرابيسي عن الشافعي رحمهما الله تعالى أن المفقود بالخيار بين أن ينزعها من الثاني وبين أن يتركها ويأخذ منه مهر المثل‏.‏

ومستنده أن عمر رضي الله عنه قضى به‏.‏

وعن القاضي حسين زيادة فيه وهي أنه إن فسخ غرم الثاني مهر مثلها والسادس أن نكاح الأول كان ارتفع بلا خلاف لكن إذا ظهر المفقود هل يحكم ببطلان نكاح الثاني وجهان أصحهما لا لكن للمفقود الخيار كما ذكرنا‏.‏

وإذا قلنا نكاح الثاني باطل فهل نقول وقع صحيحا ثم إذا ظهر المفقود بطل أم نقول نتبين بظهور المفقود أنه وقع باطلاً وجهان فعلى الثاني يجب مهر المثل إن جرى دخول وإلا فلا شيء وعلى الأول الواجب المسمى أو نصفه ولو ظهر المفقود وقد نكحت السابعة إذا نكحت على مقتضى القديم وأتت بولد يمكن كونه من الثاني وجاء المفقود ولم يدع الولد فهو للثاني لأن بمضي أربع سنين يتحقق براءة الرحم من المفقود وإن ادعاه فوجهان‏.‏

أصحهما يسأل عن جهة ادعائه فإن قال هو ولدي ولدته زوجتي على فراشي قلنا له هذه دعوى باطلة لأن الولد لا يبقى في الرحم هذه المدة وإن قال قدمت عليها في أثناء هذه المدة فوطئتها وكان قوله محتملاً عرض الولد على القائف والوجه الثاني يعرض على القائف من غير بحت واستقصاء وذكر الروياني أن الوجهين أخذا من وجهين نقلا في أن هذه المرأة لو أتت بولد من غير أن تتزوج هل يلحق المفقود إن قلنا نعم فلا حاجة إلى السؤال وإن قلنا لا وهو الأصح فلا بد منه وحيث قلنا الولد للثاني وحكمنا ببقاء النكاح الأول فله منعها من إرضاع الولد إلا اللبأ الذي لا يعيش إلا به وكذا إذا لم يوجد مرضعة غيرها ثم إن لم تخرج من بيت الزوج وأرضعته فيه ولم يقع خلل في التمكين فعلى الزوج نفقتها سواء وجب الإرضاع أم لا وإن خرجت للإرضاع بغير إذنه سقطت نفقتها وإن خرجت له بإذنه فوجهان بناء على ما لو سافرت بإذنه لحاجتها وإن كان الإرضاع واجباً فعليه أن يأذن‏.‏

الثامنة نكحت على مقتضى القديم ووطئها الثاني ثم علم أن الأول كان حياً وقت نكاحه وأنه مات بعد ذلك فإن قلنا تقع الفرقة ظاهراً وباطناً فهي زوجة الثاني ولا يلزمها بموت الأول عدة وإن قلنا لا فرقة باطناً فعليها عدة الوفاة عن الأول لكن لا تشرع فيها حتى يموت الثاني أو يفرق بينها وبينه وحينئذ تعتد للأول عدة الوفاة ثم للثاني بثلاثة أقراء أو ثلاثة أشهر وإن مات الثاني أولاً أو فرق بينهما شرعت في الأقراء فإن تمت الأقراء ثم مات الأول اعتدت عن الأول عدة الوفاة وإن مات الأول قبل تمام الأقراء فوجهان أصحهما تنقطع الأقراء فتعتد عن الأول للوفاة ثم تعود إلى بقية الأقراء‏.‏

والثاني تقدم ما شرعت فيه وإن ماتا معاً أو لم يعلم السابق منهما اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام وبعدها بثلاثة أقراء لتبرأ من العدتين بيقين‏.‏

ولو لم يعلم موتهما حتى مضت أربعة أشهر وعشرة أيام وثلاثة أقراء بعدها فقد انقضت العدتان ولو كانت حاملاً من الثاني اعتدت منه بالوضع ثم تعتد عن الأول عدة الوفاة والأصح أنه يحسب منها زمن النفاس لأنه ليس من عدة الثاني وقيل لا يحسب لتعلقه بالحمل‏.‏

فرع زوجة الغائب إذا أخبرها عدل بوفاة زوجها جاز لها فيما بينها وبين الله تعالى أن تتزوج لأن ذلك خبر لا شهادة ذكره القفال‏.‏

 فصل يجب على المعتدة الإحداد في عدة الوفاة

ولا يجب في عدة الرجعية‏.‏

لكن روى أبو ثور عن الشافعي رحمهما الله تعالى أنه يستحب لها الإحداد ومن الأصحاب من قال الأولى أن تتزين بما يدعو الزوج إلى رجعتها‏.‏

وفي عدة البائن بخلع أو استيفاء الطلقات قولان القديم وجوب الإحداد والجديد الأظهر لا يجب بل يستحب‏.‏

والمفسوخ نكاحها لعيب ونحوه على القولين وقيل لا يجب قطعاً والمعتدة عن وطء شبهة أو نكاح فاسد وأم الولد لا إحداد عليهن قطعاً لعدم الزوجية وقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ‏"‏ قد يحتج به على تحريم الإحداد على أم الولد والمعتدة عن شبهة‏.‏

فرع الذمية والصبية والمجنونة والرقيقة كغيرهن في الإحداد وولي الصبية والمجنونة يمنعهما مما تمتنع منه الكبيرة العاقلة‏.‏

فرع كيفية الاحداد وهو ترك التزين بالثياب والحلي والطيب‏.‏

النوع الأول الثياب ولا يحرم جنس القطن والصوف والوبر والشعر والكتان والقصب والدبيقي بل يجوز لبس المنسوج منها على أنواع اختلاف ألوانها الخلقية وإن كانت نفيسة ناعمة لأن نفاستها من أصل الخلقة لا من زينة دخلت عليها‏.‏

وأما الابريسم فقال الجمهور هو كالكتان فلا يحرم ما لم تحدث فيه زينة وقال القفال يحرم واختاره الإمام والغزالي والمتولي فعلى هذا لا تلبس العتابي الذي غلب فيه الإبريسم ولها لبس الخز قطعاً‏.‏

ولو صبغ ما لا يحرم في جنسه نظر في صبغه إن كان مما يقصد منه الزينة غالباً كالأحمر والأصفر حرم لبسه إن كان ليناً وكذا إن كان خشناً على المشهور وهو نصه في الأم ويدخل في هذا القسم الديباج المنقش والحرير الملون فيحرمان‏.‏

والمصبوغ غزله قبل النسج كالبرود حرام على الأصح كالمصبوغ بعد النسج وإن كان الصبغ مما لا يقصد به الزينة بل يعمل للمصيبة واحتمال الوسخ كالأسود والكحلي فلها لبسه وهو أبلغ في الحداد بل في الحاوي وجه أنه يلزمها السواد في الحداد‏.‏

وإن كان الصبغ مترددا بين الزينة وغيرها كالأخضر والأزرق فإن كان براقاً صافي اللون فحرام وإن كان كدراً أو مشبعاً أو أكهب وهو الذي يضرب إلى الغبرة جاز وأما الطراز على الثوب فإن كان كبيراً فحرام وإلا فثلاثة أوجه ثالثها إن نسج مع الثوب جاز وإن ركب عليه حرم لأنه محض زينة‏.‏

النوع الثاني الحلي فيحرم عليها لبسه سواء فيه الخلخال والسوار والخاتم وغيرها والذهب والفضة وقال الإمام يجوز لها التختم بخاتم الفضة كالرجل وبالأول قطع الجمهور وفي اللآلي تردد للإمام وبالتحريم قطع الغزالي وهو الأصح قال الروياني قال بعض الأصحاب لو كانت تلبس الحلي ليلاً وتنزعه نهاراً جاز لكنه يكره لغير حاجة فلو فعلته لإحراز المال لم يكره‏.‏

قال ولو تحلت بنحاس أو رصاص فإن كان مموهاً بذهب أو فضة أو مشابهاً لهما بحيث لا يعرف إلا بتأمل أو لم يكن كذلك ولكنها من قوم يتزينون بذلك فحرام وإلا فحلال‏.‏

النوع الثالث الطيب فيحرم عليها الطيب في بدنها وثيابها وتفصيل الطيب سبق في كتاب الحج ويحرم دهن رأسها بكل دهن ولو كان لها لحية حرم دهنها وإن لم يكن في الدهن طيب لأنه زينة ويجوز لها دهن البدن بما لا طيب فيه كالزيت والشيرج والسمن ولا بما فيه طيب كدهن البان والبنفسج ويحرم عليها أكل طعام فيه طيب ويحرم أن تكتحل بما فيه طيب‏.‏

وأما ما لا طيب فيه فإن كان أسود وهو الإثمد فحرام على البيضاء قطعاً وكذا على السوداء على المشهور والصحيح لإطلاق الأحاديث فيه فإن احتاجت إلى الإكتحال به لرمد وغيره اكتحلت به ليلاً ومسحته نهاراً فإن دعت ضرورة إلى الإستعمال نهاراً أيضاً جاز ويجوز استعماله في غير العين إلا الحاجب فإنه تتزين به فيه وأما الكحل الأصفر وهو الصبر فحرام على السوداء وكذا على البيضاء على الأصح لأنه يحسن العين ويحرم أيضاً أن تطلي به وجهها لأنه يصفر الوجه فهو كالخضاب وأما الكحل الأبيض كالتوتياء ونحوه فلا يحرم إذ لا زينة فيه وقيل يحرم على البيضاء حيث تتزين به والصحيح الأول ويحرم الدمام وهو ما يطلى به الوجه للتحسين وقيل هو الكلكون الذي يحمر الوجه ويحرم الإسفيداج ويحرم أن تخضب بحناء ونحوه فيما ظهر من البدن كالوجه واليدين والرجلين ولا يحرم فيما تحت الثياب ذكره الروياني‏.‏

والغالية وإن ذهبت ريحها كالخضاب‏.‏

قال الإمام وتجعيد الأصداغ وتصفيف الطرة لا نقل فيه ولا يمنع أن يكون كالحلي‏.‏

فرع جواز التزيين للمحدة يجوز للمحدة التزيين في الفرش والبسط والستور وأثاث البيت لأن الحداد البدن لا الفرش ويجوز التنظيف بغسل الرأس والامتشاط ودخول الحمام وقلم الأظفار والإستحداد وإزالة الأوساخ فإنها ليست من الزينة‏.‏

فرع إذا لم نوجب الإحداد على المبتوتة ففي تحريم التطيب وجهان لأنه يحرك الشهوة‏.‏

فرع جواز الإحداد على غير الزوج يجوز لها الإحداد على غير الزوج ثلاثة أيام فما دونها صرح به المتولي والغزالي في البسيط للحديث الصحيح الذي ذكرناه‏.‏

فرع لو تركت الإحداد الواجب عليها في كل المدة أو بعضها عصت وانقضت عدتها‏.‏

وكذا لو تركت ملازمة المسكن وخرجت من غير حاجة عصت وانقضت عدتها بمضي المدة كما لو بلغها وفاة الزوج بعد مضي أربعة أشهر وعشر كانت العدة منقضية وبالله التوفيق‏.‏

 الباب الرابع في السكنى

المعتدة عن طلاق رجعي أو بائن بخلع أو باستيفاء الطلقات تستحق السكنى حاملاً كانت أو حائلاً وكذا المعتدة عن وفاة على الأظهر وأما المعتدة عن النكاح بفرقة غير الطلاق في الحياة كالفسخ بردة أو إسلام أو رضاع أو عيب ونحوه ففيها خمسة طرق‏.‏

أحدها على قولين كالمعتدة عن وفاة‏.‏

والثاني إن كان لها مدخل في ارتفاع النكاح بأن فسخت بخيار العتق أو بعيب الزوج أو فسخ بعيبها فلا سكنى قطعاً وإن لم يكن بأن انفسخ بإسلامه أو ردته أو إرضاع أجنبي ففي والثالث إن كان لها مدخل فلا سكنى وإلا فلها السكنى قطعاً‏.‏

والرابع ذكره البغوي إن كانت الفرقة بعيب أو غرور فلا سكنى وإن كانت برضاع أو مصاهرة أو خيار عتق فلها السكنى على الأصح لأن السبب لم يكن موجوداً يوم العقد ولا استند إليه‏.‏

قال والملاعنة تستحق قطعاً كالمطلقة ثلاثاً والخامس القطع بأنها تستحق السكنى لأنها معتدة عن نكاح بفرقة في الحياة كالمطلقة‏.‏

قال المتولي هذا هو المذهب‏.‏

وأما المعتدة عن وطء شبهة أو نكاح فاسد وأم الولد إذا أعتقها سيدها فلا سكنى لهن هذا بيان السكنى وأما النفقة والكسوة فمؤخرتان إلى كتاب النفقات‏.‏

فرع صغيرة لا تحتمل الجماع الصغيرة التي لا تحتمل الجماع هل تستحق النفقة فيه خلاف يأتي في النفقات إن شاء الله تعالى فإن قلنا تستحقها استحقت السكنى في العدة وإلا فلا والأمة المزوجة ذكرنا أنه ليس على السيد أن يسلمها ليلاً ونهاراً بل له استخدامها نهاراً وكذا الحكم في زمن العدة فإن سلمها ليلاً ونهاراً أو رفع اليد عنها استحقت السكنى وإن كان يستخدمها نهاراً فقد ذكرنا خلافاً في استحقاقها النفقة في صلب النكاح فإن استحقتها استحقت السكنى في العدة وإلا فلا لكن فرع طلقها وهي ناشزة إذا طلقها وهي ناشزة فلا سكنى لها في العدة لأنها لا تستحق النفقة والسكنى في صلب النكاح فبعد البينونة أولى كذا قاله القاضي حسين والمتولي وزاد المتولي فقال وكذا لو نشزت في العدة سقطت سكناها فلو عادت إلى الطاعة عاد حق السكنى قال الإمام إذا طلقت في مسكن النكاح فعليها ملازمته لحق الشرع فإن أطاعت استحقت السكنى وعبر بعضهم عن كلام الإمام بأنها إن نشزت على الزوج في بيته فلها السكنى في العدة وإن خرجت من بيته واستعصت عليه فلا سكنى‏.‏

 فصل من استحقت السكنى من المعتدات تسكن

في المسكن الذي كانت فيه عند الفراق إلا أن يمنع منه مانع كما سيأتي إن شاء الله تعالى فليس للزوج ولا لأهله إخراجها منه ولا يجوز لها الخروج فلو اتفق الزوجان على أن تنتقل إلى مسكن آخر من غير حاجة لم يجز وكان على الحاكم المنع منه‏.‏

ولو انتقلت في صلب النكاح من مسكن إلى آخر بغير إذن الزوج ثم طلقها أو مات لزمها أن تعود إلى الأول وتعتد فيه ولو أذن لها بعد الإنتقال أن تقيم فيه كان كما لو انتقلت بإذنه‏.‏

وإذا انتقلت بالإذن ثم طلق أو مات اعتدت في المنتقل إليه لأنه المسكن عند الفراق وإن خرجت فطلقها قبل وصولها إلى الثاني المأذون فيه فهل تعتد في الثاني أم في الأول أم في أقربهما إليها أم تتخير فيهما فيه أوجه أصحها أولها وهو نصه في الأم لأنها مأمورة بالمقام فيه ممنوعة من الأول والإعتبار بالإنتقال ببدنها لا بالأمتعة والخدم والزوج ولو أذن في الإنتقال إلى الثاني فانتقلت ثم عادت إلى الأول لنقل متاع وغيره فطلقها فالمسكن هو الثاني فتعتد فيه كما لو خرجت لحاجة فطلقها وهي خارجة ولو أذن لها في الإنتقال إلى بلد آخر ثم طلقها أو مات فحكمه كما ذكرنا فيما لو أذن في الإنتقال من مسكن إلى مسكن فإن وجد سبب الفراق بعد الإنتقال إلى البلد الثاني اعتدت فيه وإن وجد قبل مفارقة عمران الأول لم تخرج بل تعود إلى المسكن وتعتد فيه وإن كان في الطريق فعلى الأوجه‏.‏

وإن أذن في السفر لغير النقلة نظر إن تعلق بغرض مهم كتجارة وحج وعمرة واستحلال عن مظلمة ونحوها ثم حدث سبب الفرقة نظر إن كان حدث قبل خروجها من المسكن لم تخرج بلا خلاف‏.‏

وإن خرجت منه على قصد السفر ولم تفارق عمران البلد فالأصح عند الجمهور أنه يلزمها العود إلى المسكن لأنها لم تشرع في السفر والثاني تتخير بين العود والمضي في السفر لأن عليها ضرراً في إبطال سفرها وفوات غرضها والثالث إن كان سفر حج تخيرت وإلا فيلزم العود وإن حدث سبب الفرقة في الطريق تخيرت بين العود والمضي وقيل إن حدث بعد مسيرة يوم وليلة تخيرت وإن حدث قبله تعين العود وليس بشيء وإذا خيرناها فاختارت العود إلى المسكن والإعتداد فذاك وفي تعليق الشيخ أبي حامد أنه الأفضل وإن اختارت المضي إلى المقصد فلها أن تقيم فيه إلى انقضاء حاجتها فلو انقضت قبل تمام مدة إقامة المسافرين فالمذكور في التهذيب و الوسيط وغيرهما أن لها أن تقيم تمام مدة المسافرين وحكى الروياني هذا عن بعضهم ثم غلط قائله وقال نهاية سفرها قضاء الحاجة لا غير‏.‏

قلت الأصح أنه لا يجوز أن تقيم بعد قضاء الحاجة وبه قطع صاحب المهذب والجرجاني والرافعي في المحرر وآخرون والله أعلم‏.‏

وإن كان أذن لها في سفر نزهة فبلغت المقصد ثم حدث ما يوجب العدة فإن لم يقدر الزوج مدة لم تقم أكثر من مدة المسافرين وإن قدر فهل الحكم كذلك أم لها استيفاء المدة المقدرة قولان‏.‏

أظهرهما الثاني ويجريان فيما لو قدر في الحاجة مدة تزيد على قدر الحاجة لأن الزائد كالنزهة ففي قول يجب الإنصراف إذا انقضت الحاجة‏.‏

وفي قول تقيم المأذون فيه ويجريان فيما لو أذن في الإنتقال إلى مسكن آخر في البلد مدة قدرها ثم طلقها أو مات كذا حكاه الروياني عن نصه في الأم وفي الوسيط أن الطلاق يبطل تلك المدة ويجريان فيما لو أذن لها في الإعتكاف مدة ولزمتها العدة قبل مضي المدة هل لها إدامة الإعتكاف إلى تمام المدة أم يلزمها الخروج لتعتد في المسكن فإن لم يلزمها الخروج فخرجت بطل اعتكافها ولم يكن لها البناء عليه إذا كان منذوراً وإن ألزمناها فهل يبطل بالخروج أم يجوز البناء وجهان‏.‏

أصحهما الثاني وإن حدث سبب العدة في سفر النزهة قبل بلوغها المقصد فحيث قلنا في سفر الحاجة يجب الإنصراف فهنا أولى وحيث قلنا لا يجب فهنا وجهان‏.‏

وقطع صاحب الشامل بأنه كسفر الحاجة وأما سفر الزيارة فكسفر النزهة على ظاهر النص وقيل كسفر الحاجة ثم إذا انتهت مدة جواز الإقامة في هذه الأحوال فعليها الإنصراف في الحال إن لم تكن انقضت مدة العدة بتمامها لتعتد بقية العدة في المسكن فإن كان الطريق مخوفاً أو لم تجد رفقة عذرت في التأخير‏.‏

فلو علمت أن البقية تنقضي في الطريق ففي لزوم العود وجهان‏.‏

أصحهما يلزمها وهو نصه في الأم ليكون أقرب إلى موضع العدة ولأن تلك الإقامة غير مأذون فيها والعود مأذون فيه هذا كله إذا أذن لها في السفر‏.‏

فأما إذا خرجت مع الزوج ثم طلقها أو مات فعليها الإنصراف ولا تقيم أكثر من مدة المسافرين إلا إذا كان الطريق مخوفاً أو لم تجد رفقة‏.‏

وهذا إذا كان سفره لغرضه واستصحبها ليستمتع بها‏.‏

فأما إذا كان السفر لغرضها وخرج بها فليكن الحكم كما لو أذن لها فخرجت‏.‏

وفي لفظ المختصر ما يشعر بهذا‏.‏

أذن لها في الإحرام بحج وعمرة ثم طلقها قبل الإحرام فلا تحرم ولا تنشىء السفر بعد لزوم العدة فلو أحرمت فهو كما لو أحرمت بعد الطلاق بغير إذن وحكمه أن لا يجوز لها الخروج في الحال وإن كان الحج فرضاً بل يلزمها أن تقيم وتعتد لأن لزوم العدة سبق الإحراًم فإذا انقضت العدة أتمت عمرتها إن كانت معتمرة وكذا الحج إن بقي وقته فإن فات تحللت بأفعال العمرة ولزمها القضاء ودم الفوات‏.‏

ولو أحرمت أولاً بإذن الزوج أو بغير إذنه ثم طلقها فإن كانت تخشى فوات الحج لضيق الوقت خرجت إلى الحج معتدة لأن الإحرام سبق العدة مع أنه في خروجها يحصل الحج والعدة وإن كانت لا تخشى فوات الحج أو أقامت للعدة أو كان الإحرام بعمرة فوجهان أحدهما وهو مذكور في المهذب يلزمها أن تقيم للعدة ثم تخرج جمعاً بين الحقين وأصحهما وبه قطع الشيخ أبو حامد والأكثرون تتخير بين أن تقيم وبين أن تخرج في الحال لأن مصابرة الإحرام مشقة‏.‏

فرع منزل البدوية وبيتها من صوف ووبر وشعر كمنزل الحضرية من طين وحجر فإذا لزمتها العدة فيه لزمها ملازمته فإن كان أهلها نازلين على ما لا ينتقلون عنه ولا يظعنون إلا لحاجة فهي كالحضرية من كل وجه‏.‏

وإن كانوا ينتقلون شتاءً أو صيفاً فإن ارتحلوا جميعاً ارتحلت معهم للضرورة وإن ارتحل بعضهم نظر إن كان أهلها ممن لم يرتحل وفي المقيمين قوة وعدد فليس لها الإرتحال‏.‏

وإن ارتحل أهلها وفي الباقين قوة وعدد فوجهان أحدهما ليس لها الإرتحال بل تعتد هناك لتيسره وأصحهما تتخير بين أن تقيم وبين أن ترتحل لأن مفارقة الأهل عسرة موحشة‏.‏

ولو هرب أهلها خوفاً من عدو ولم ينتقلوا ولم تخف هي لم يجز لها الإرتحال لأن المرتحلين يعودون إذا أمنوا ولو ارتحلت حيث يجوز الإرتحال ثم أرادت الإقامة في قرية في الطريق والإعتداد فيها جاز لأنه أليق بحال المعتدة من السير‏.‏

فرع طلقها أو ماتت وهي في سفينة فإن ركبتها مسافرة فحكم السفر ما سبق وإن كان الزوج ملاحاً ولا منزل له سوى السفينة فإن كانت سفينة كبيرة فيها بيوت متميزة المرافق اعتدت في بيت منها معتزلة عن الزوج وسكن الزوج بيتاً آخر وإن كانت صغيرة نظر إن كان معها محرم لها يمكن أن يعالج السفينة خرج الزوج واعتدت هي فيها وإلا فتخرج هي وتعتد في أقرب المواضع إلى الشط وإذا تعذر خروجه وخروجها فعليها أن تستتر وتبعد منه بقدر الإمكان هكذا ذكره صاحب الشامل و التهذيب وغيرهما وفيه إشعار بأنه لا يجوز لها الخروج من السفينة إذا أمكن الإعتداد فيها وقد صرح به آخرون ونقل الروياني في كتبه أنها تتخير بين أن تعتد في السفينة وبين أن تخرج فتعتد خارجها فإن اختارت السفينة نظرنا حينئذ هل هي صغيرة أم كبيرة وراعينا التفصيل المذكور وذكر فيما إذا اختارت الخروج وجهين أصحهما وبه قال الماسرجسي تعتد في أقرب القرى إلى الشط‏.‏

والثاني وبه قال أبو إسحاق تعتد حيث شاءت‏.‏

فرع خروج الزوجة إلى غير الدار المألوفة أو غير البلد المألوف ثم طلقها واختلفا فقالت أذنت لي في الإنتقال فاعتد في المنزل الثاني وقال إنما أذنت لك في النزهة أو في غرض كذا فعودي إلى المنزل الأول فاعتدي فيه في من يصدق منهما اختلاف نص وطرق منتشرة انتشاراً كثيراً وحاصلها أن المذهب تصديق الزوج وإذا اختلف الزوجان وتصديقها إذا اختلفت هي ووارث الزوج وقيل قولان أحدهما تصديق الزوج والوارث‏.‏

والثاني تصديقها لأن الظاهر معها وقيل إن اتفقا على إذن في الخروج مطلقاً وقال الزوج أردت النزهة أو قال ذلك وارثه وقالت بل أردت النقلة فالقول قولها وإن قال قلت اخرجي للنزهة أو قال ذلك وارثه وقالت بل قلت اخرجي للنقلة فالقول قول الزوج ووارثه‏.‏

وقيل إن تحول الزوج معها إلى المنزل الثاني فهي المصدقة عليه وعلى وارثه‏.‏

وإن انفردت بالتحول صدقا عليها أما إذا اتفقا على جريان لفظ الإنتقال أو الإقامة بأن قال انتقلي إلى موضع كذا أو اخرجي إليه وأقيمي به قال الزوج ضممت إليه للنزهة أو شهراً أو نحوهما وأنكرت الزوجة هذه الضميمة أو قال ذلك وارثه فالقول قولها لأن الأصل عدم هذه الضميمة‏.‏

فصل يجب على المعتدة ملازمة مسكن العدة فلا تخرج إلا لضرورة أو عذر فإن خرجت أثمت وللزوج منعها وكذا لوارثه عند موته وتعذر في الخروج في مواضع‏.‏

منها إذا خافت على نفسها أو مالها من هدم أو حريق أو غرق فلها الخروج سواء فيه عدة الوفاة والطلاق وكذا لو لم تكن الدار حصينة وخافت لصوصاً أو كانت بين فسقة تخاف على نفسها أو تتأذى من الجيران أو الأحماء تأذياً شديداً أو تبذو أو تستطيل بلسانها عليهم يجوز إخراجها من المسكن ثم في التهذيب أنها إذا بذت على أحمائها سقطت سكناها وعليها أن تعتد في بيت أهلها والذي ذكره العراقيون والروياني والجمهور أنه ينقلها الزوج إلى مسكن آخر ويتحرى القرب من مسكن العدة ثم موضع النقل بالبذاء ما إذا كانت الأحماء معها في دار تسع جميعهم وإن كانت ضيقة لا تسع جميعهم نقل الزوج الأحماء وترك الدار لها وإن كان الأحماء في دار أخرى لم ينقل المعتدة بالبذاء عن دارها ونقل المتولي أنها تنقل لإيذاء الجيران كما تنقل لإيذاء الأحماء‏.‏

فعلى هذا إذا كانت في دار والأحماء في القرى فإنها لا تنتقل بالبذاء إذا لم تكن الداران متجاورتين ولو كان البذاء من الأحماء دونها نقلوا دونها ولو كانت في دار أبويها لكون الزوج كان يسكن دارهما فبذت على الأبوين أو بذا الأبوان عليها لم ينقل واحد منهم لأن الشر والوحشة لا تطول بينهم فلو كان أحماؤها في دار أبويها أيضاً وبذت عليهم نقلوا دونها لأنها أحق بدار أبويها‏.‏

ومنها إذا احتاجت إلى شراء طعام أو قطن أو بيع غزل ونحو ذلك نظر إن كانت رجعية فهي زوجته فعليه القيام بكفايتها فلا تخرج إلا بإذنه‏.‏

قال المتولي وكذا الحكم في الجارية المشتراة والمسيبة في مدة الإستبراء‏.‏

وأما سائر المعتدات فيجوز المعتدة عن وفاة الخروج لهذه الحاجات نهاراً وكذا لها أن تخرج بالليل إلى دار بعض الجيران للغزل والحديث لكن لا تبيت عندهم بل تعود إلى مسكنها للنوم‏.‏

وحكم العدة عن شبهة أو نكاح فاسد حكم عدة الوفاة قال المتولي إلا أن تكون حاملاً وقلنا إنها تستحق النفقة فلا يباح لها الخروج وفي البائن بطلاق أو فسخ قولان‏.‏

القديم ليس لها الخروج والجديد جوازه كالمتوفى عنها قال المتولي هذا في الحائل أما الحامل إذا قلنا تعجل نفقتها فهي ومنها لو لزمها عدة وهي في دار الحرب لزمها أن تهاجر إلى دار الإسلام‏.‏

قال المتولي إلا أن تكون في موضع لا تخاف على نفسها ولا على دينها فلا تخرج حتى تعتد‏.‏

منها إذا لزمها حق واحتيج إلى استيفائه فإن أمكن استيفاؤه في مسكنها كالدين والوديعة فعل وإن لم يمكن واحتيج فيه إلى الحاكم بأن توجه عليها حد أو يمين في دعوى فإن كانت برزة خرجت وحدت أو حلفت ثم تعود إلى المسكن وإن كانت مخدرة بعث الحاكم إليها نائباً أو أحضرها بنفسه‏.‏

ومنها إذا كان المسكن مستعاراً أو مستأجراً فرجع المعير أو مضت المدة أو طلبه المالك فلا بد من الخروج‏.‏

ومنها البدوية تفارق المنزل وترتحل مع القوم إذا ارتحلوا‏.‏

فرع لا تعذر في الخروج لأغراض تعد من الزيادات دون المهمات كالزيارة والعمارة واستنماء المال بالتجارة وتعجيل حجة الإسلام وأشباهها‏.‏

فرع زنت المعتدة عن وفاة في عدتها وهي بكر فعلى السلطان تغريبها ولا يؤخره إلى انقضاء عدتها وقيل لا تغريب والصحيح الأول‏.‏

 فصل على الزوج أن يسكن مستحقة السكنى من المعتدات

مسكناً يصلح لمثلها فإن كان مسكن النكاح كذلك فلا معدل عنه‏.‏

وحيث قلنا تجب ملازمة مسكن النكاح فهذا مرادنا به فإن أسكنها في النكاح داراً فوق سكنى مثلها فطلقها وهي فيها فله أن لا يرضى الآن وينقلها إلى دار بصفة استحقاقها ولو رضيت بدار خسيسة فطلقها وهي فيها فلها أن تطلب النقل إلى ما يليق بها ويلزمه الأبدال‏.‏

وفي الصورتين احتمال ذكره في البسيط والمعروف للأصحاب ما سبق وينبغي أن ينقلها إلى مسكن قريب من موضعها الأول ولا تنقل إلى الأبعد مع وجود الأقرب‏.‏

وظاهر كلام الأصحاب أن رعاية هذا القريب واجبة واستبعد الغزالي الوجوب وتردد في الإستحباب‏.‏

 فصل يحرم على الزوج مساكنة المعتدة

يحرم على الزوج مساكنة المعتدة في الدار التي تعتد فيها ومداخلتها لأنه يؤدي إلى الخلوة بها أحدهما أن يكون في الدار محرم لها من الرجال أو محرم له من النساء أو من في معنى المحرم كزوجة أخرى وجارية ولا بد في المحرم ومن في معناه من التمييز فلا عبرة بالمجنون والصغير الذي لا يميز واشترط الشافعي رضي الله عنه البلوغ قال القاضي أبو الطيب لأن من لم يبلغ لا تكليف عليه فلا ينكر الفاحشة‏.‏

وقال الشيخ أبو حامد يكفي عندي حضور المراهق والنسوة الثقات كالمحرم على الصحيح ويكفي حضور المرأة الواحدة الثقة على الأصح وبه قطع صاحب الشامل وغيره والحكاية عن الأصحاب أنه لا يجوز أن يخلو رجلان بامرأة واحدة ويجوز أن يخلو الرجل بامرأتين ثقتين لأن استحياء المرأة من المرأة أكثر من استحياء الرجل من الرجل ثم لا يخفى أن مساكنة الزوج والمحرم ومن في معناه إنما يفرض فيما إذا كان في الدار زيادة على سكنى مثلها فإن لم يكن كذلك فعلى الزوج تخليتها للمعتدة والإنتقال عنها ثم المساكنة وإن جازت بسبب المحرم فالكراهة باقية لأنه لا يؤمن النظر‏.‏

الموضع الثاني إذا كان في الدار حجرة فأراد أن يسكن أحدهما ويسكنها الأخرى فإن كانت مرافق الحجرة كالمطبخ والمستراح والبئر والمصعد إلى السطح في الدار لم يجز إلا بشرط المحرم وإن كانت المرافق في الحجرة جاز كالحجرتين والدارين المتجاورتين وحكم السفلي والعلوي حكم الدار والحجرة ثم ذكر البغوي والمتولي وغيرهما أنه يشترط أن لا يكون ممر إحداهما على الأخرى ويغلق الباب بينهما أو يسد وهذا حسن‏.‏

ويؤيده ما ذكره الأئمة أنه لو كانت الدار واسعة ولم يكن فيها إلا بيت والباقي صفف لم يجز أن يساكنها وإن كان معها محرم لأنها لا تتميز من المسكن بموضع فإن قال أنا أبني بيني وبينها حائلاً وكان الذي يبقى لها سكنى مثلها فله ذلك ثم إن جعل باب ما يسكنه خارجاً عن مسكنها فلا حاجة إلى محرم وإن جعله في مسكنها لم يجز أن يسكنه إلا بشرط المحرم أو من في معناه وقيل لا يشترط اختلاف الممر بل يكفي أن يغلق على الحجرة باب ولو كانا في بيتين من دار كبيرة وانفرد كل بباب يغلق جاز على الأصح كبيتين من خان‏.‏

 فصل إذا كانت معتدة بالأقراء أو الحمل لم يصح بيع المسكن

الذي يستحق فيه السكنى سواء كان لها عادة مستقيمة في الأقراء والحمل أم لا‏.‏

وإن كانت تعتد بالأشهر ففي صحة بيعه قولان كالدار المستأجرة وقيل لا يصح قطعاً ويجري الطريقان سواء كانت تتوقع مجيء الحيض في أثناء الشهر بأن كانت بنت تسع سنين فصاعداً ولم تحض أو لا تتوقعه كالآيسة وبنت سبع سنين وقيل لا يصح البيع في الصورة الأولى قطعاً فإن جوزنا البيع فحاضت وانتقلت إلى الأقراء خرج ذلك على اختلاط الثمار المبيعة بالحادثة بعد البيع فيما لا يغلب فيه التلاحق وفيه قولان سبقا‏.‏

أظهرهما لا ينفسخ البيع بل يثبت الخيار للمشتري‏.‏

فرع لو كان المنزل مستعاراً لازمته ما لم يرجع المعير وليس نقلها وقيل له نقلها في البلد الذي لا يعتاد فيه إعادة المنزل كيلا يلحقه منة والصحيح الأول‏.‏

وإذا رجع قال المتولي وغيره على الزوج أن يطلبه منه بأجرة فإن امتنع أو طلب أكثر من أجرة المثل نقلها وإن نقلها ثم بذل المنزل الأول مالكه قال الروياني إن بذله بإعارة لم يلزم ردها إليه وإن بذل بأجرة فإن كان المنقول إليه مستعاراً وجب ردها إلى الأول وإن كان بأجرة فوجهان‏.‏

فرع كان المنزل الذي تعتد فيه مستأجراً فانقضت مدة الإجارة ولم يجدد المالك إجارة فلا بد من نقلها وإذا وجب النقل في هذه الصور فالقول في تحري أقرب المواضع على ما سبق‏.‏

فرع إذا كانت تسكن منزل نفسها ففي المهذب و التهذيب أنه يلزمها أن تعتد فيه ولها طلب الأجرة والأصح ما ذكره صاحب الشامل وغيره أنها إن رضيت بالإقامة فيه بإعارة أو إجارة جاز وهو الأولى وإن طلبت نقلها فلها ذلك إذ ليس عليها بذل منزلها بإعارة ولا إجارة‏.‏

فرع لو طلقها وهي في منزل مملوك للزوج ثم أفلس وحجر عليه بقي لها حق السكنى وتقدم به على الغرماء وكذا لو مات وعليه ديون تقدم به على حق الغرماء والورثة وهل للحاكم بيع رقبة المسكن فيه الطريقان السابقان ولو أفلس وحجر عليه ثم طلقها ضاربت الغرماء بالسكنى وليس ذلك كدين حادث لأن حقها مستند إلى سبب متقدم على الحجر وهو النكاح والوطء فيه ولو طلقها وليست في منزل له ضاربتهم بالأجرة سواء تقدم الطلاق أو تأخر لأن حقها هنا مرسل غير متعلق بعين‏.‏

ومتى ضاربت فإن كانت عدتها بالأشهر ضاربت بأجرة المثل للأشهر وإن كانت بالأقراء أو الحمل نظر إن لم تكن لها عادة فيهما فوجهان‏.‏

أصحهما تضارب بأقل مدة يمكن انقضاء الأقراء فيها والحامل بأجرة ما بقي من أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر من حين العلوق لأن استحقاق الزيادة مشكوك فيه‏.‏

والثاني تؤخذ بالعادة الغالبة فتضارب ذات الأقراء بأجرة ثلاثة أشهر والحامل وإن كانت لها عادة مستقيمة فيهما ضاربت بأجرة مدة العادة على الصحيح وقيل بالأقل وإن كان لها عادات مختلفة وراعينا العادة فالمعتبر أقل عاداتها‏.‏

وإذا ضاربت بأجرة مدة وانقضت العدة على وفق تلك المضاربة فهل ترجع على المفلس بالباقي من الأجرة عند يساره حكى الشيخ أبو علي فيه طريقين أحدهما على وجهين بناء على أن الزوجة إذا لم تطالب بالسكنى في النكاح أو في العدة مدة هل تصير سكنى المدة الماضية ديناً لها عليه وتطالبه بها وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى وأصحهما القطع بالرجوع كما في الباقي من ديون الغرماء بخلاف مسألة الوجهين لأنها هنا طلبت الجميع ولكن زحمة الغرماء منعتها ولو انقضت العدة قبل تمام المدة التي ضاربت لها ردت الفضل على الغرماء وفي رجوعها على المفلس بما تقتضيه المحاصة للمدة المنقضية الطريقان‏.‏

ولو امتدت العدة وزادت على مدة المضاربة ففي رجوعها بحصة المدة الزائدة على الغرماء ثلاثة أوجه‏.‏

أصحها الرجوع لأنا تبينا استحقاقها كما لو ظهر غريم ولها أن ترجع على المفلس إذا أيسر والثاني لا ترجع على الغرماء لئلا تغير ما حكمنا به وينسب هذا إلى النص وصححه الروياني في التجربة والثالث ترجع الحامل لأنه حسي دون ذات الأقراء فإنها متهمة بتأخيرها وإذا قلنا لا ترجع على الغرماء رجعت على الزوج على الأصح إذا أيسر قال الإمام والخلاف في رجوعها على الغرماء إذا لم يصدقوها فإن صدقوها رجعت عليهم بلا خلاف قال وفي غير صورة الإفلاس إذا مضى زمن العادة فادعت مزيداً وتغيراً في العادة فالذي يدل عليه كلام الأصحاب أنها تصدق بلا خلاف وعلى الزوج الإسكان قال وفيه احتمال لأنا إذا صدقناها ربما تمادت في دعواها إلى سن اليأس‏.‏

فرع إذا ضاربت في صورة الإفلاس بالأجرة استؤجر بحصتها المنزل الذي وجبت فيه العدة فإن تعذر فأقرب الممكن كما سبق‏.‏

قال ابن الصباغ فإذا جاوزت مدة ما أخذت أجرته سكنت حيث شاءت‏.‏

فرع لو كانت المطلقة رجعية أو حاملاً استحقت مع السكنى النفقة وتضارب الغرماء عند إفلاس الزوج بالنفقة والسكنى والقول في كيفية المضاربة والرجوع كما سبق ولكن إذا قلنا إن نفقة الحامل لا تعجل لم يدفع إليها حصة النفقة في الحال‏.‏

 فصل طلقها وهو غائب

إذا طلقها وهو غائب وهي في دار له بملك أو إجارة اعتدت فيها وإن لم يكن له مسكن وله مال اكترى الحاكم من ماله مسكناً تعتد فيه إن لم يجد متطوعاً به فإن لم يكن له مال اقترض عليه واكترى فإذا رجع قضاه فإن أذن لها أن تعترض عليه أو تكتري المسكن من مالها ففعلت جاز وترجع ولو اكترت من مالها أو اقترضت بقصد الرجوع ولم تستأذن الحاكم نظر إن قدرت على الإستئذان أو لم تقدر ولم تشهد لم ترجع وإن لم تقدر أو أشهدت رجعت على الأصح وكل هذا على ما سبق في مسألة هروب الجمال ونظائرها‏.‏

فرع إذا مضت مدة العدة أو بعضها إذا مضت مدة العدة أو بعضها ولم تطلب حق السكنى سقط ولم يصير ديناً في الذمة نص عليه ونص أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان بل تصير ديناً في الذمة فقيل قولان فيهما لترددهما بين الديون ونفقة القريب والمذهب تقرير النصين والفرق بأن النفقة بالتمكين وقد وجد والسكنى لصيانة مائه على موجب نظره ولم يتحقق وحكم السكنى في صلب النكاح كما ذكرنا في العدة‏.‏

 فصل مات الزوج في خلال العدة

إذا مات الزوج في خلال العدة لم يسقط ما استحقته المبتوتة من السكنى وإذا استحقت السكنى أو مات عنها وهي زوجة وقلنا تستحق السكنى فإن كانت في مسكن مملوك للزوج لم يقسمه الورثة حتى تنقضي العدة ولو أرادوا التمييز بخطوط ترسم من غير نقض وبناء جاز إن قلنا القسمة إفراز وإن قلنا بيع فحكم بيع مسكن العدة كما سبق وقيل إن قلنا إفراز فلهم القسمة كيف شاؤوا والصحيح الأول وإن كان في مسكن مستأجراً أو مستعاراً واحتيج إلى نقلها فعلى الوارث أن يستأجر لها من التركة فإن لم يكن تركة فليس على الوارث إسكانها‏.‏

فلو تبرع به لزمها الإجابة وإذا لم يتبرع ففي التهذيب أنه يستحب للسلطان أن يسكنها من بيت المال لا سيما إن كانت تتهم بريبة ولفظ الروياني في البحر أن السلطان لا يلزمه أن يكتري لها إلا عند الريبة فيلزمه‏.‏

وإذا قلنا لا تجب السكنى في عدة الوفاة فالمذهب أن للورثة إسكانها حيث أرادوا وبهذا قطع الأصحاب‏.‏

وحكى الغزالي وجهين أصحهما هذا والثاني أنه إنما تلزمها الإجابة وإذا توقع شغل الرحم بالماء فإن لم يتبرع الوارث بإسكانها فللسلطان أن يحصنها بالإسكان‏.‏

وفي الوسيط و البسيط أنه ليس للسلطان تعيين المسكن بخلاف الوارث والأول هو المذهب والمنصوص وبه قطع الجماهير وإذا لم يسكنها الوارث والسلطان سكنت حيث شاءت فلو أسكنها أجنبي متبرع قال الروياني إن لم يكن المتبرع ذا ريبة فهو كالوارث فعليها أن تسكن حيث يسكنها‏.‏

فرع للواطىء بشبهة أو في نكاح فاسد إسكان المعتدة‏.‏

 فصل في مسائل تتعلق بالعدد

إحداها إذا طلق الغائب أو مات فالعدة من حين الطلاق أو الموت لا من بلوغ الخبر‏.‏

الثانية لو نكحت المعتدة بعد مضي قرء ووطئها الزوج الثاني ثم جاء الأول ووطئها بشبهة ثم فرق بينهما وبين الثاني فتشتغل بالباقي من عدة الطلاق وهو قرءان ويدخل فيه قرءان من عدة وطء الشبهة ثم تعتد عن الثاني بثلاثة أقراء ثم تعتد عن الأول بقرء لما بقي من عدة الشبهة ذكره القفال في الفتاوى‏.‏

الثالثة مات زوج المعتدة فقالت انقضت عدتي قبل موته لا يقبل قولها في ترك العدة ولا ترث لإقرارها‏.‏

الرابعة في فتاوى القفال أن المعتدة لو أسقطت مؤنة السكنى عن الزوج لم يصح الإسقاط لأن السكنى تجب يوماً فيوماً ولا يصح إسقاط ما لم يجب‏.‏

الخامسة في فتاوى القفال أن المنكوحة لو وطئت بشبهة وصارت في العدة فوطئها الزوج لم يقطع

 الباب الخامس في الاستبراء

فيه ثلاثة أطراف‏.‏

الطرف الأول فيما يتعلق بنفس الإستبراء فإن كانت المستبرأة من ذوات الأقراء استبرأت بقرء وهو حيض على الجديد الأظهر وفي قول هو طهر وفي وجه أن استبراء أم الولد لموت السيد أو إعتاقه بطهر والأمة التي يحدث ملكها بحيض فإن قلنا القرء هو الطهر فصادف وجوب الإستبراء آخر الحيض كان الطهر الكامل بعده استبراءً‏.‏

وهل يكفي ظهور الدم بعده أم يعتبر يوم وليلة فيه الخلاف السابق في العدة وفي وجه لا بد من مضي حيضة كاملة بعد ذلك الطهر وهو ضعيف عند الغزالي وغيره وصححه الروياني وإن وجد سبب الإستبراء وهي طاهر فهل يكفي بقية الطهر وجهان‏.‏

أحدهما يكفي كما في العدة وهذا هو الراجح في البسيط وحكاه الماوردي عن البغداديين والثاني لا يكفي ولا ينقضي الإستبراء حتى تحيض بعده ثم تطهر وبه قطع البغوي وحكاه الماوردي عن البصريين وإذا قلنا القرء الحيض لم يكف بقية الحيض بل يعتبر حيضة كاملة‏.‏

فلو كانت حائضاً عند وجوب الإستبراء لم ينقض الإستبراء حتى تطهر ثم تحيض حيضة ثم تطهر وإذا تباعد حيض ذات الأقراء فحكمها في التربص إلى سن اليأس حكم المعتدة‏.‏

فإن كانت المستبرأة من ذوات الأشهر فهل تستبرىء بشهر أم بثلاثة قولان‏.‏

أظهرهما عند الجمهور بشهر لأنه بدل قرء ورجح صاحب المهذب وجماعة الثلاثة وإن كانت حاملاً نظر إن زال فراشه عن مستولدته أو أمته الحامل فاستبراؤها بوضع الحمل فإن ملك أمة فقد أطلق المتولي أن الحكم كذلك إن كان الحمل ثابت النسب من زوج أو وطء بشبهة والأصح التفصيل‏.‏

فإن ملكها بسبي حصل الإستبراء بالوضع وإن ملك بالشراء فإن كانت حاملاً من زوج وهي في نكاحه أو عدته أو من وطء شبهة وهي معتدة من ذلك الوطء فسيأتي إن شاء الله تعالى أنه لا استبراء في الحال على المذهب وفي وجوبه بعد العدة خلاف وإذا كان كذلك فليس الإستبراء بالوضع لأنه إما غير واجب وإما مؤخر عن الوضع وذكر البغوي في حصول الإستبراء في الوضع قولين‏.‏

ولو كان الحمل من زنا ففي حصول الإستبراء بوضعه حيث يحصل في ثابت النسب وجهان أصحهما الحصول لإطلاق الحديث ولحصول البراءة بخلاف العدة فإنها مخصوصة بالتأكيد ولهذا اشترط فيها التكرار فإن قلنا لا يحصل ورأت دما على الحمل وقلنا هو حيض حصل الإستبراء بحيضة على الحمل على الأصح‏.‏

وإن قلنا ليس بحيض أو لم تر دماً فاستبراؤها بحيضة بعد الوضع‏.‏

ولو ارتابت المستبرأة بالحمل في مدة الإستبراء أو بعدها فعلى ما ذكرناه في العدة‏.‏

وهو سببان‏.‏

السبب الأول حصول الملك فمن ملك جارية بإرث أو هبة أو شراء أو وصية أو سبي أو عاد ملكه فيها بالرد بالعيب أو التحالف أو الإقالة أو خيار الرؤية أو الرجوع في الهبة لزمه استبراؤها سواء في الإقالة ونحوها ما قبل القبض وبعده وسواء كان الإنتقال إليه ممن يتصور اشتغال الرحم بمائه أو ممن لا يتصور كإمرأة وصبي ونحوهما وسواء كانت الأمة صغيرة أو آيسة أو غيرهما بكراً أو ثيباً وسواء استبرأها البائع قبل البيع أم لا‏.‏

وعن ابن سريج تخريج في البكر أنه لا يجب‏.‏

وعن المزني أنه إنما يجب استبراء الحامل والموطوءة‏.‏

قال الروياني وأنا أميل إلى هذا واحتج الشافعي رحمه الله بإطلاق الأحاديث في سبايا أوطاس مع العلم بأن فيهن الصغار والأبكار والآيسات‏.‏

ولا يجب على بائع الأمة استبراؤها قبل البيع سواء وطئها أم لا لكنه يستحب إن كان وطئها ليكون على بصيرة منها‏.‏

ولو أقرض جارية لمن لا تحل له ثم استردها قبل تصرف المقترض فيها لزم المقرض استبراؤها إن قلنا إن القرض يملك بالقبض وإن قلنا بالتصرف لم يلزمه‏.‏

فرع كاتب جاريته ثم فسخت الكتابة أو عجزها السيد لزمها الإستبراء‏.‏

لو حرمت على السيد بصلاة أو صوم أو اعتكاف أو رهن أو حيض أو نفاس ثم زالت هذه الأشياء حلت بغير استبراء‏.‏

فرع ارتدت أمته ثم أسلمت لزمه استبراؤها على الأصح لأنه زال ملك الإستمتاع ثم عاد‏.‏

قال البغوي الوجهان مبنيان على الوجهين فيما لو اشترى مرتدة ثم أسلمت هل يحسب حيضها في زمن الردة من الإستبراء فإن قلنا يحسب لم يجب الإستبراء وإلا وجب ولو ارتد السيد ثم أسلم فإن قلنا يزول ملكه بالردة لزمه الإستبراء قطعاً وإلا فعلى الأصح كردة الأمة‏.‏

فرع أحرمت ثم تحللت فالمذهب وبه قطع الجمهور أنه لا استبراء كما لو صامت ثم أفطرت‏.‏

وقيل وجهان كالردة‏.‏

فرع زوج أمته فطلقت قبل الدخول فهل على السيد استبراؤها قولان يأتي بيانهما إن شاء الله تعالى‏.‏

باعها بشرط الخيار فعادت إليه بالفسخ في مدة الخيار ففي وجوب الإستبراء خلاف المذهب منه أنه يجب إن قلنا يزول ملك البائع بنفس العقد وإلا فلا‏.‏

فرع اشترى زوجته فوجهان الأصح المنصوص أنه يدوم حل وطئها ولا يجب الإستبراء لكن يستحب أما أنه لا يجب فلأنه لم يتجدد حل ولأنه لا يؤدي إلى اختلاط ماء وأما استحبابه فلتمييز ولد النكاح عن ولد ملك اليمين فإنه في النكاح ينعقد مملوكاً ثم يعتق ولا تصير به أم ولد وفي ملك اليمين ينعقد حراً وتصير أم ولد والثاني يجب الإستبراء لتجدد الملك ولو اشتراها بشرط الخيار فهل له وطؤها في مدة الخيار لأنها منكوحة أو مملوكة أم لا للتردد في حالها وجهان قال البغوي المنصوص أنه لا يحل‏.‏

ولو طلقها ثم اشتراها في العدة وجب الإستبراء قطعاً لأنه ملكها وهي محرمة عليه‏.‏

ولو اشترى زوجته ثم أراد تزويجها لغيره لم يجز إن كان دخل بها قبل الشراء إلا بعد قرءين لأنه إذا انفسخ النكاح وجب أن تعتد منه فلا تنكح غيره حتى تنقضي عدتها بقرءين‏.‏

فلو مات عقب الشراء لم يلزمها عدة الوفاة بل تكمل عدة الإنفساخ كذا ذكره ابن الحداد وحكى عن نصه في الإملاء‏.‏

اشترى مزوجة أو معتدة عن زوج أو وطء شبهة والمشتري عالم بالحال أو جاهل وأجاز البيع فلا استبراء في الحال لأنها مشغولة بحق غيره‏.‏

فإن طلقت قبل الدخول أو بعده وانقضت عدة الشبهة فهل يلزم للمشتري الإستبراء قولان‏.‏

أظهرهما نعم وقد يقال يجب الإستبراء ويرد الخلاف إلى أنه هل تدخل في العدة واستنبط القاضي حسين من القولين عبارتين يتخرج عليهما مسائل‏.‏

إحداهما أن الموجب للإستبراء حدوث ملك الرقبة مع فراغ محل الإستمتاع‏.‏

والثانية أن الموجب حدوث حل الإستمتاع في المملوكة بملك اليمين فعلى العبارة الأولى لا يجب الإستبراء عند انقضاء العدة لأنه لم يحدث حينئذ ملك وعند حدوثه لم يكن محل الإستمتاع فارغاً وعلى الثانية يجب وخرج بعضهم عليهما الخلاف فيما لو اشترى مجوسية فحاضت ثم أسلمت هل يلزم الإستبراء بعد الإسلام أم يكفي ما سبق وكذا الخلاف فيما لو زوج وطلقت قبل الدخول هل على السيد استبراء فعلى الأولى لا وعلى الثانية نعم‏.‏

ويجري الخلاف فيما لو زوجها وطلقت بعد الدخول وانقضت عدتها أو وطئت بشبهة وانقضت عدتها وإذا قلنا فيما إذا اشترى مزوجة وطلقت لا يجب الإستبراء فلمن يريد تعجيل الإستمتاع أن يتخذ ذلك حيلة في اندفاع الإستبراء فيسأل البائع أن يزوجها ثم يشتريها ثم يسأل الزوج أن يطلقها فتحل في الحال لكن لا يجوز تزويج الموطوءة إلا بعد الإستبراء فإنما يحصل الغرض إذا لم تكن موطوءة أو كان البائع قد استبرأها‏.‏

وإذا كانت الجارية كذلك فلو أعتقها المشتري في الحال وأراد أن يزوجها البائع أو غيره أو يتزوجها بنفسه جاز على الأصح ذكره البغوي وغيره‏.‏

فعلى هذا من يريد تعجيل الإستمتاع يمكنه أن يعتقها في الحال ويتزوجها ولا يحتاج إلى سؤال البائع أن يزوجها أولاً إذا كان يسمح بفوات ماليتها‏.‏

فرع إذا تم ملكه على جميع جارية كانت مشتركة بينه وبين غيره الإستبراء ولو أسلم في جارية وقبضها فوجدها بغير الصفة المشروطة فردها لزم المسلم إليه الإستبراء‏.‏

فرع إذا كانت الجارية المشتراة محرماً للمشتري أو اشترتها إمرأة أو رجلان‏.‏

فلا معنى للاستبراءإلا فيما يرجع إلى التزويج‏.‏

فرع ظهر بالمشتراة حمل فقال البائع هو مني نظر إن صدقه المشتري فالبيع باطل باتفاقهما والجارية مستولدة للبائع‏.‏

وإن كذبه نظر إن لم يقر البائع بوطئها عند البيع ولا قبله لم يقبل قوله كما لو قال بعد البيع كنت أعتقته لكن يحلف المشتري أنه لا يعلم كون الحمل منه‏.‏

وفي ثبوت نسبه من البائع خلاف لأنه يقطع إرث المشتري بالولاء وإن كان أقر بوطئها نظر إن كان استبرأها ثم باعها ثم ولدت لدون ستة أشهر من وقت استبراء المشتري فالولد لاحق بالبائع والجارية مستولدة له والبيع باطل وإن ولدت لستة أشهر فأكثر لم يقبل قوله ولم يلحقه الولد لأنه لو كان ملكه لم يلحقه ثم ينظر إن لم يطأها المشتري أو وطئها وولدت لدون ستة أشهر من وقت وطئه فالولد مملوكه‏.‏

وإن ولدته لستة أشهر فأكثر من وطئه فالولد لاحق بالمشتري والجارية مستولدة له‏.‏

وإن لم يستبرئها البائع قبل البيع نظر إن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت استبراء المشتري أو لأكثر ولم يطأها المشتري فالولد للبائع والبيع باطل‏.‏

وإن وطئها المشتري وأمكن أن يكون من هذا وأن يكون من ذاك عرض على القائف‏.‏

فرع لا يجب في شراء الأمة التي كان البائع يطؤها إلا استبراء واحد لحصول البراءة فلو اشتراها من شريكين وطئاها في طهر واحد فهل يكفي استبراء لحصول البراءة أم يجب استبرءان كالعدتين من شخصين وجهان‏.‏

ويجريان فيما لو وطئاها وأرادا تزويجها فهل يكفي استبراء أم يجب استبراءان‏.‏

ولو وطىء أجنبيان أمة كل يظنها أمته قال المتولي وطء كل واحد يقتضي استبراءً بقرء‏.‏

وفي تداخلهما وجهان أصحهما المنع‏.‏

 فصل من ملك أمة لم يجز له وطؤها

حتى ينقضي الإستبراء وأما الإستمتاع بالقبلة واللمس والنظر بشهوة ونحوها فحرام إن ملكها بغير السبي وإن ملكها بالسبي فحلال على الأصح‏.‏

وإذا طهرت من الحيض وتم الإستبراء بقي تحريم الوطء حتى تغتسل ويحل الإستمتاع قبل الغسل على الصحيح‏.‏

 فصل وجوب الإستبراء لا يمنع المالك

من إثبات اليد على الجارية بل هو مؤتمن فيه شرعاً لأن سبايا أوطاس لم ينزعن من أيدي أصحابهن وسواء كانت حسناء أم قبيحة‏.‏

 فصل لو مضى زمن الإستبراء بعد الملك

وقبل القبض هل يعتد به نظر إن ملك بالإرث اعتد به وإن ملك بالهبة فلا‏.‏

وإن ملك بالشراء اعتد به على الأصح وفي الوصية لا يعتد بما قبل القبول ويعتد بما بعده على المذهب‏.‏

ولو وقع الحمل أو الحيض في زمن خيار الشرط في الشراء فإن قلنا الملك للبائع لم يحصل الإستبراء وإن قلنا للمشتري لم يحصل أيضاً على الأصح لضعف الملك وقيل يحصل وقيل يحصل في صورة الحمل دون الحيض لقوة الحمل‏.‏

فرع لو اشترى مجوسية أو مرتدة فمضت عليها حيضة أو ولدت ثم أسلمت فهل تعتد بالإستبراء في الكفر لوجود الملك أم يجب بعد الإسلام ليستعقب حل الإستمتاع وجهان أصحهما الثاني‏.‏

فرع إذا اشترى العبد المأذون له جارية فللسيد وطؤها إن لم يكن على العبد دين فإن كان لم يجز لئلا يحبلها‏.‏

فإن انفكت عن الديون بقضاء أو إبراء وقد جرى قبل الإنفكاك ما يحصل به الإستبراء فهل يعتد به أم يشترط وقوع الإستبراء بعد الإنفكاك وجهان كالمجوسية أصحهما الثاني وبه قطع ولو رهنها قبل الإستبراء ثم انفك الرهن قال في الشامل يجب استبراؤها ولا يعتد بما جرى وهي مرهونة وغلطه الروياني‏.‏

فرع لو وطئها قبل الإستبراء أو استمتع بها وقلنا بتحريمه أثم‏.‏

ولا ينقطع الإستبراء لأن الملك لا يمنع الإحتساب فكذا المعاشرة بخلاف العدة‏.‏

فلو أحبلها بالوطء في الحيض فإن انقطع الدم حلت له لتمام الحيضة وإن كانت طاهراً عند الإحبال لم ينقض الإستبراء حتى تضع الحمل هذا لفظه في الوسيط وبالله التوفيق‏.‏

السبب الثاني زوال الفراش عن موطوءة بملك يمين فإذا أعتق أمته التي وطئها أو مستولدته أو مات عنها وليست في زوجية ولا عدة نكاح لزمها الإستبراء لأنه زال عنها الفراش فأشبهت الحرة ويكون استبراؤها بقرء كالممتلكة‏.‏

ولو مضت مدة الاستقراء على أم الولد ثم أعتقها سيدها أو مات عنها فهل يكفي ذلك أم يلزمها الإستبراء بعد العتق وجهان وقيل قولان أصحهما الثاني كما لا تعتد المنكوحة بما تقدم من الأقراء على ارتفاع النكاح والخلاف مبني على أن أم الولد هل تخرج عن كونها فراشاً بالإستبراء أو الولادة وهل تعود فراشاً للسيد إذا مات زوجهاً أو طلقها وانقضت عدتها أم لا تعود ولا تحل له إلا بالإستبراء ولو استبرأ الأمة الموطوءة ثم أعتقها قال الأصحاب لا استبراء عليها ولها أن تتزوج في الحال ولم يطردوا فيها الخلاف الذي في المستولدة لأن المستولدة يشبه فراشها فراش النكاح ولو لم تكن الأمة موطوءة لم تكن فراشاً ولم يجب الإستبراء بإعتاقها‏.‏

فرع لا يجوز تزويج الأمة الموطوءة قبل الإستبراء بخلاف بيعها لأن مقصود النكاح الوطء فينبغي أن يستعقب الحل وفي جواز تزويج أم الولد خلاف مذكور في باب أمهات الأولاد الأصح الصحة فعلى هذا لا تزوج حتى تستبرأ ولو استبرأها ثم أعتقها فهل يجوز تزويجها في الحال أم تحتاج إلى استبراء جديد وجهان‏.‏

قلت أصحهما‏.‏

والله أعلم‏.‏

ولو اشترى أمة وأراد تزويجها قبل الإستبراء فإن كان البائع وطئها لم يجز إلا أن يزوجها به وإن لم يكن وطئها البائع أو وطئها واستبرأها قبل البيع أو كان الإنتقال من إمرأة أو صبي جاز تزويجها في الحال على الأصح كما كان للبائع تزويجها بعد الإستبراء‏.‏

إذا أعتق مستولدته أو مات عنها وهي في نكاح أو عدة زوج فلا استبراء عليها لأنها ليست فراشاً للسيد‏.‏

وخرج ابن سريج قولاً أنه يلزمها الإستبراء بعد فراغ عدة الزوج‏.‏

وحكى السرخسي هذا قولاً قديماً وحكي أيضاً عن الإصطخري والمذهب الأول وهو المنصوص وبه قطع الجمهور‏.‏

وقال الشيخ أبو علي فعلى المذهب متى انقضت عدة الزوج وكان السيد حياً عادت فراشاً له وعلى التخريج لا تعود فراشاً حتى يستبرئها ولو أعتقها أو مات عقب انقضاء عدة الزوج فقيل لا استبراء عليها والصحيح المنصوص وجوبه‏.‏

لكن هل يشترط لوجوبه أن يقع إعتاق السيد أو موته بعد انقضاء العدة بلحظة لتعود فيها فراشاً للسيد أم لا لكون مصيرها فراشاً أمراً حكمياً لا يحتاج إلى زمن حسي وجهان‏.‏

أرجحهما الثاني‏.‏

ولو انقضت عدتها ولم يمت السيد ولم يعتقها فالمذهب والمنصوص في الجديد أنها تعود فراشاً للسيد وتحل له بلا استبراء‏.‏

وحكي قول قديم أنها لا تحل له بلا استبراء فعلى المذهب لو مات السيد بعد ذلك لزمها الإستبراء وعلى القديم لا استبراء‏.‏

والخلاف في حل أم الولد إذا زال حق الزوج كالخلاف فيما إذا زال حق الزوج عن الأمة المزوجة هل يحتاج السيد إلى استبرائها لكن الراجح في الأمة الإحتياج ونقله البندنيجي عن النص لأن فراش أم الولد أشبه بالنكاح ولهذا ولد أم الولد يلحقه إذا ولدته بعد ستة أشهر من حين استبرائها وولد الأمة لا يلحقه كذا قاله ولو أعتق مستولدته أو مات عنها وهي في عدة وطء شبهة فهل يلزمها الإستبراء تفريعاً على المنصوص فيما إذا كانت في عدة زوج وجهان أصحهما الوجوب‏.‏

فرع أعتق مستولدته وأراد أن يتزوجها قبل تمام الإستبراء جاز على الأصح كما يتزوج‏.‏

المعتدة منه بنكاح أو وطء شبهة‏.‏

فرع المستولدة المزوجة إذا مات عنها سيدها وزوجها جميعاً فلها أحوال‏.‏

أحدها أن يموت السيد أولاً فقد مات وهي مزوجة وقد ذكرنا أنه لا استبراء عليها على المذهب فإذا مات الزوج بعده اعتدت عدة حرة وكذا لو طلقها‏.‏

الحال الثاني أن يموت الزوج أولاً فتعتد عدة أمة شهرين وخمسة أيام فإن مات السيد وهي في عدة الزوج فقد عتقت في أثناء العدة وقد سبق في أول كتاب العدد الخلاف في أنها هل تكمل عدة حرة أم عدة أمة والمذهب أنه لا استبراء عليها كما ذكرناه قريباً‏.‏

وإن أوجبناه فإن كانت ذوات الأشهر استبرأت بشهر بعد العدة وإن كانت من ذوات الأقراء استبرأت بحيضة بعد العدة وإن مات السيد بعد خروجها من العدة لزمه الإستبراء على الأصح تفريعاً على عودها فراشاً‏.‏

الحال الثالث أن يموت السيد والزوج معاً فلا استبراء لأنها لم تعد إلى فراشه‏.‏

ويجيء فيه الخلاف المذكور فيما إذا عتقت وهي معتدة وهل تعتد عدة أمة أم عدة حرة وجهان

أصحهما عند الغزالي عدة أمة وقطع البغوي بعدة حرة احتياطاً‏.‏

الحال الرابع أن يتقدم أحدهما ويشكل السابق فله صور‏.‏

إحداها أن يعلم أنه لم يتخلل بين موتهما شهران وخمسة أيام فعليها أربعة أشهر وعشر من موت آخرهما موتا لاحتمال أن السيد مات أولاً ثم مات الزوج وهي حرة ولا استبراء عليها على الصحيح لأنها عند موت السيد زوجة أو معتدة‏.‏

وإن أوجبنا الإستبراء فحكمه كما نذكره إن شاء الله تعالى في الصورة الثانية‏.‏

ولو تخلل شهران وخمسة أيام بلا مزيد فهل هو كما لو كان المتخلل أقل من هذه المدة أم كما لو كان أكثر منها فيه الوجهان السابقان‏.‏

الصورة الثانية أن يعلم أنه تخلل بين الموتين أكثر من شهرين وخمسة أيام فعليها الإعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيام من موت آخرهما موتاً ثم إن لم تحض في هذه المدة فعليها أن تتربص بعدها بحيضة لاحتمال أن الزوج مات أولاً وانقضت عدتها وعادت فراشاً للسيد وإن حاضت في هذه المدة فلا شيء عليها وسواء كان الحيض في أول المدة أو آخرها‏.‏

وقيل يشترط كونه بعد شهرين وخمسة أيام من هذه المدة لئلا يقع الإستبراء وعدة الوفاة في وقت واحد‏.‏

قال الأصحاب هذا غلط لأن الإستبراء إنما يجب على تقدير تأخر موت السيد وحينئذ تكون عدة الوفاة منقضية بالمدة المتخللة ولا يتصور الإجتماع سواء كان الحيض في أول هذه المدة أو آخرها‏.‏

ولو كانت المستولدة ممن لا تحيض كفاها أربعة أشهر وعشرة أيام‏.‏

الصورة الثالثة أن لا يعلم كم المدة المتخللة فعليها التربص كما ذكرناه في الصورة الثانية أخذاً بالأحوط ولا نورثها من الزوج إذا شككنا في أسبقهما موتاً فإن ادعت علم الورثة أنها كانت حرة يوم موت الزوج فعليهم الحلف على نفي العلم‏.‏